جدار الحرية إصدر جديد للكاتبة الفلسطينية سمر حجازي
مصدر الخبر: مصطفى لغتيري، ونُشر بواسطة: أبابريس شوهد 1262 مرة، منذ تاريخ نشره في 2013/03/24
عن منشورات القلم المغربي صدر للكاتبة الفلسطينية كتاب جديد مزدوج اللغة "عربية- فرنسية" يحمل عنوان "جدار الحرية " و، يضم بين دفتيه قصصا قصيرة جدا ترجمها الأستاذ حسن الغافل بن الطاهر إلى اللغة الفرنسية ، ويقع الإصدار في أربع و ستين صفحة من الحجم المتوسط ، و قد كتب تقديم هذا الكتاب مصطفى لغتيري و جاء فيه:
من أرض فلسطين الشامخة تطل علينا القاصة سمر حجازي بندفها القصصية الحارقة ، تخز أذهاننا و قلوبنا بدبابيس الجمال ، فتوقظنا من استرخائنا ، و تحفزنا على مشاركتها في لوعتها الجميلة ، المتمثلة في نسج نصوص أدبية ، صغيرة في حجمها ، كبيرة في دلالتها ، تشط بالخيال بعيدا ، و تحرك في دواخلنا الرغبة في التماهي مع عوالم القاصة الأثيرة..
القصة القصيرة جدا عند الأستاذة سمر حيية خجلة ، لا تصدع بعواطفها و هواجسها دفعة واحدة، و إنما تعمد إلى رمي العبارة ، ثم ترصها بقرينتها في اختزال ملحوظ ، يشي بتمثل الكاتبة الواضح لطبيعة هذا الجنس الأدبي الوليد ، الذي ما فتئ يكتسح المشهد الأدبي العربي من الماء إلى الماء ، خالقا لنفسه كتابا و قراء و نقادا خاصين و متميزين ، واعدا نفسه و المعجبين به بمكانة يستحقها ، يناضل – بلا هوادة- من أجل اكتسابها.
تشتغل القاصة في هذه المجموعة على ثيمات بعينها ، تمنحها كثيرا من اهتمامها ، لكنها أبدا لا تغفل الشكل ، فالقصة هنا متكاملة شكلا و مضمونا ، و كأنها خلقت مصبوبة في قالبها الخاص، الذي لا تبغي عنه بديلا ..فإذا كانت الأمور البسيطة أثيرة لدى القاصة تعض عليها بالنواجذ ، فلم تبهرها القضايا الكبرى أو الإيديولوجيات السيارة ، إذ نجدها منشغلة إلى أبعد الحدود بتلك الهنات الصغيرة ،و تلك الابتسامات العابرة التي سرعان ما تضمحل ، وتلك الأحاسيس العابرة التي تشبه انفراط العقد في قصة "العقد" ، فتزرعها ورودا بعد أن تنزع عنها أشواكها ، حتى لا تدمي إحساس القارئ ، عكس تلك الورود التي نقرأ عنها في قصة" أشواك"..
في النصوص التي تكتبها الأستاذة سمر حجازي ثمة دائما أمل متوار خلف قسوة الحياة التي قد تعترض طريق الشخوص ، أمل و إن كان زئبقيا في كثير من الأحيان إلا أنه حاضر من وراء حجاب ، نطل عليه من ثقب الحياة ، كما تفعل الأم التي تسترق النظر لابنها ،طريح الفراش ، في قصة" أمل" .
لإعطاء نصوصها ملمحا ناضجا ، تتعاطى الكاتبة مع لغتها بشكل احترافي ، فهي تفكر في كل كلمة على حدة ، و تنتقي أدوات الربط بما يتطلبه السياق و جمال العبارة ، هذه الروابط التي غالبا ما تتجاهلها ، لتكسب جملتها القصصية خفة و رشاقة ، تلائم – إلى حد بعيد- جنس القصة القصيرة جدا.
في كتابتها للنصوص تولى حجازي عناية خاصة لنهاية القصة ، أو ما يصطلح عليه ب" القفلة " ، تتخيرها بتأن ملحوظ ، فتأتي-في الغالب الأعم- مكسرة لأفق انتظار القارئ ، و فاتحة للنص أبواب التأويل على مصارعها ، و تضمخ القصص بشاعرية محببة للنفس ، كما أنها تكون دوما بذرة واعدة لقصة جديدة ، قد يعمد القارئ لكتابتها.
لكل ذلك و غيره ، فلتلج أيها القارئ رحاب هذه الكبسولات القصصية ، برغبة عميقة في المشاركة ، و اقتناص لذة الحكي ، دون أن يفوتك الاهتمام بشكل القصص ، فهو هنا شكل بنيوي ، لا يكتمل فهمك للقصة دون أن تفكك دلالته القريبة و البعيدة ، فالأشكال ليست دوما بريئة ، خاصة عند الكاتبة سمر حجازي..